بيانات ومواقف
الهيئة المستقلة تدين قيام الأجهزة الأمنية في قطاع غزة استخدام القوة في تفريق متظاهرين واحتجاز واستدعاء مواطنين على خلفية الرأي والتعبير

تنظر الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بقلق بالغ لانتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت يوم الخميس الموافق 12يناير2017 في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، والمتمثلة بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء من قبل أفراد جهاز الشرطة، لتفريق مشاركين في تظاهرة سلمية خرجت تلبية للحراك الشبابي للمطالبة بإنهاء أزمة الكهرباء في القطاع، واعتداء أفراد شرطة مكافحة الشغب على عدد من المتظاهرين، وما تبع ذلك من مداهمات الأجهزة الأمنية لمنازل بعض المواطنين والمشاركين في المسيرة وتوقيف عدد منهم.

ووفقاً لمتابعات الهيئة فقد فوجئ المشاركون في المسيرة التي انطلقت من منطقة الترنس في مخيم جباليا الساعة 4:15 مساءً، وقبل وصولهم إلى مقر شركة الكهرباء في شمال غزة بحوالي مسافة 500 مترٍ، بإطلاق أعيرة نارية في الهواء من قبل أفراد جهاز الشرطة المتمركزين بالقرب من مقر الشركة، الأمر الذي أدى إلى تفريق المتظاهرين. تبع ذلك هجوم أفراد شرطة مكافحة الشغب بالهراوات والعصي الخشبية والبلاستيكية على المتظاهرين، ما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين، منهم مصور وكالة الأنباء الفرنسية في قطاع غزة الصحفي محمد عبد الرازق عبد الله البابا، أُصيب بجرح قطعي في رأسه نتيجة تعرضه للضرب من قبل أفراد الشرطة، وتمت مصادرة الكاميرا الخاصة به ، والتي أعيدت له بعد تدخل الناطق باسم وزارة الداخلية.

وكما أفاد باحثو الهيئة الذين تواجدوا في المكان، فإن أفراداً من الأجهزة الأمنية وبعضهم بزي مدني قاموا فيما بعد   بفض من تبقى في المكان من المتظاهرين، وملاحقتهم في شوارع وأزقة المخيم، وأثناء هروبهم قام بعضهم بإلقاء الحجارة على أفراد الشرطة، الذين قاموا بتوقيف بعضهم واحتجازهم. وفي ساعات المساء المتأخرة من يوم الخميس، وساعات الفجر الأولى ليوم الجمعة 13/1/2017 بدأت الأجهزة الأمنية بمداهمة بيوت بعض المواطنين والمشاركين في المسيرة، حيث جرى توقيف من تواجد في منزله وتمت مصادرة الأجهزة الخلوية والحواسيب الخاصة بهم، فيما تم تسليم بلاغات استدعاء بحق من لم يتواجد في منزله ساعة دهمه لعائلته.

وحسب متابعات الهيئة تم توقيف واحتجاز واستدعاء قرابة ثلاثين مواطناً على خلفية مشاركتهم في التجمع السلمي في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وثقت الهيئة منهم: الدكتور فايز أبو عيطة الناطق باسم حركة فتح في قطاع غزة، تم توقيفه بتاريخ 12/1/2017 الساعة التاسعة مساءً، وأفرج عنه الساعة الثانية عشرة  منتصف اليل، وفي نفس اليوم تم توقيف إبراهيم السلطان مسئول الجبهة الشعبية في شمال قطاع غزة ومن ثم أُفرج عنه، والمواطن شفيق شاهين بتاريخ 13/1/2017 وأُفرج عنه بعد ساعات من احتجازه .

في حين لا تزال الأجهزة الأمنية تحتجز كلاً من المواطنين: حاتم العجرمي، وعقل الشيخ خليل، ومحمد بكر مسلم، وأحمد أبو زعيتر.

وحسب توثيقات الهيئة، فإن كلاً من المواطنين: محمد التلولي، وبسام الكردي، وحيدر العيلة، وياسر العطاونة, وفريد أمن، وتيسير زقوت، وعامر بعلوشة، وأشرف أبو زعيتر، وشريف أبو زعيتر، تم تفتيش منازلهم وتسليمهم استدعاءات للتوجه إلى مراكز الشرطة.

وعلى خلفية تجمعات سلمية أخرى جرت في باقي محافظات القطاع لا تزال الأجهزة الأمنية تحتجز كلاً من المواطنين: عدنان محمود الفقعاوي، وعمر أحمد البريم، ومجدي جمال أبو شاويش، وعلاء محمد الخطيب، وياسر حسن وشاح، وعدلي محمد عوض، وأحمد كفاح جبر، ويعلى محمد أحمد البلتاجي، ومحمد جبر الأشعل، ومصطفى العبد بنّر.

في الوقت الذي تؤكد فيه الهيئة على ضرورة الحفاظ على الممتلكات العامة وحمايتها وعدم التعرض لأفراد الأجهزة الأمنية، فإنها تؤكد أيضاً على ضرورة قيام الجهات الرسمية بالالتزام بالقوانين والمحافظة على الحريات العامة وعدم تقييدها وضمان حرية التجمعات السلمية، وتوفير الحماية اللازمة لها، كون التجمع السلمي يكفله القانون الأساسي الفلسطيني، في المادة (2) من القانون رقم 12 لسنة 1998 بشأن الاجتماعات العامة ولائحته التنفيذية، كما أن التنظيم القانوني الوطني والدولي الخاص بهذا الحق لم يضع أي قيد أو ضابط يحد من تلك الممارسة. وحدد دور المكلفين بإنفاذ القانون، بتنظيم ممارسة هذا الحق، ولم يخولهم اتخاذ تدابير وإجراءات تحد أو تقيد أو تخالف حرية ممارسة هذا الحق.

وعليه فإن الهيئة تعبر عن إدانتها لجملة الانتهاكات التي طالت المواطنين خلال مسيرة جباليا، وما تبعها من إجراءات توقيف واحتجاز لم تستند إلى القانون، وتطالب :

1- بوقف الاستدعاءات والإفراج الفوري عن المحتجزين.

2- بضرورة امتثال أفراد الأجهزة الأمنية لما نصت عليه التشريعات الوطنية والمعايير الدولية من احترام للإجراءات القانونية، والالتزام بمدونات السلوك والتعليمات الصادرة لهم. وخاصة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون لسنة 1979.

3- بضرورة تشكيل لجنة تحقيق محايدة للنظر في تجاوزات أفراد الأجهزة الأمنية وتقديم المخالفين للمساءلة.

4- بضرورة إصدار الجهات الرسمية تعليماتها الواضحة لكافة الأجهزة الأمنية بمنع مشاركة رجال الأمن الذين لا يرتدون الزي الرسمي من المشاركة في التعامل مع المسيرات والتجمعات بشكل مباشر، كون عدم الإعلان عن هوية أفراد الأمن يربك الجمهور ويخلق رد فعل قد يمس الأمن المجتمعي.

كما تجدد الهيئة قلقها من التداعيات الخطيرة لاستمرار أزمة الكهرباء على مجمل أوضاع حقوق الإنسان في قطاع غزة،_ والتي أشارت إليها في بيان سابق_، وتدعو الجهات الرسمية إلى التحلي بالحكمة في التعاطي مع حالة الاحتقان التي وصل إليها المواطنون في قطاع غزة جراء أزمة الكهرباء التي طال أمدها، وتشدد على حاجة القطاع الملحة لوفاء المسئولين بمتطلبات حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية الأساسية، وعدم تقويض التزاماتها بحماية حقوق الانسان المدنية والسياسية من خلال انتهاك الحق في حرية الرأي والتعبير، ومن ممارسة الحق في التجمع السلمي عبر الاستدعاءات الأمنية المقيدة للحقوق والحريات.

 

انتهى.